الخميس، 22 أكتوبر 2009

حكاية الورقة التي أضحكت وأبكت

هنالك مصطلح أو كلمة في العاميّة السودانية تُسمى (الشحتافة)، لم يجد لها أحد معنى مقابل حتى الآن، وكل ما استطيع أن أقول في تفسيرها أنها شعور بنوع ما من الضيق، وهذا التعرف غير مقنع بالنسبة لي، ولكنني بحثتُ كثيراً لأجد تعريفاً لـ (الشحتفة)، ولكن لم أوفّق في هذه المهمة السامية أبداً، والعلماء النفسيين ابتداءاً من (فلاديمير بيختيريف) وحتى (الكساندر سوثرلند نيل) – واصل في القراءة ولا ترّكز في هذه الأسماء كثيراً- كلهم عرّفوا أي مرض نفسي، ولكنهم لم يتطرّقوا إلى (الشحتافة)، قد يكون لها اسم علمي، أو قد تجدها نوع من أنواع القلق، ولكن سأجتهد وأقطع لها تعريفاً من رأسي، لأنني لم أجد لها شرحاً في (القاموس المحيط)، ولا في( لسان العرب)، وحتى في (نجعة الرائد) و(تاج العروس) لا أثر لها، وهذا مبرراً كافياً للاجتهاد، لك قصة وجدتها في عدد من منتديات الإنترنت، عدّلت فيها بعض الشيء، سأجعلك تشعر بـ (الشحتفة) بقدر الإمكان، لأنها شيء من الصعب شرحه بـ الكلمات.!

يقال أنه في إحدى البلدان كان هنالك شخص يعيش مع والده العجوز، لكن أباه مرض مرضاً شديدا، وهو يحتضر أعطى ابنه رسالة وأمره ألاّ يفتحها إلاّ بعد أن يموت، وأمَره حتى بعد موته ممنوع أن يقرأ الرسالة بنفسه، وإن أراد فـ ليعطها لـ آخر ليقرأها له.!

مرت الأيام ومات الأب، احترم الابن وصية والده لم يفتح الرسالة، وذهب بها لـ أحد أصدقائه وطلب منه أن يفتح الرسالة ويقرأها عليه، فتح الصديق الرسالة، بحلق فيها مليّاً وقال له:

- هل أنت متأكد أن والدك هو من كتب هذه الرسالة بنفسه؟!

- نعم .. متأكد!

يُقال أن صديقه طبّق الرسالة وأرجعها له وهو ينتحب ويبكي بكاءً مريراً، تتقطّع له نياط القلوب، وتلين له صخور الجبال.!

سأله الابن عمّا يبكيه، ولكن صديقه لم يزداد إلاّ بكاءاً.!

لم ييأس الابن، ذهب لشخص آخر وطلب منه أن يقرأ له الرسالة، يقال أن هذا الشخص بعد أن قرأ أول سطر من الرسالة، أنفجر في نوبة ضحكٍ هستيري مُحيّر، وهو من بين ضحكاته يسأل بين الفينة والأخرى:

- يا رجل .. أمتأكدٌ أنت أن والدك كتب هذه الورقة بخطّ يده؟

- نعم متأكد!

ثم ينفجر بـ الضحك مرّة أخرى، ويقال أنه واصل على هذا المنوال، وصار يقف في منتصف شارع الأسفلت، ويضحك لوحده بسبب وبلا سبب.!

احتار الابن في فحوى هذه الرسالة التي أبكت وأضحكت، ولكنه احترم وصية والده ولم يفتحها بتاتاً، وذهب بها إلى شخص يتوخى فيه الحكمة ورجاحة العقل، وحكى له أمر الرسالة، ذلك الرجل قال له بثقة:

- أعطني هذه الرسالة وسأقرئها عليك مهما يحدث.!

فتح الرجل الرسالة، بحلق فيها بدهشة وذهول وهو يقول لـ الابن:

- هل أنت واثق من أن هذا الخطاب كتبه والدك المرحوم بنفسه؟

- نعم أنا متأكد ؟

أرجع له الرسالة، وقام بحركة غريبة، خلع نعليه وأعطاها لـ الابن وقال له:

- أمسك هذه النعال .. وحافظ عليها جيداً؟

ثم أطلق الرجل ساقيه للريح بـ اتجاه الشمال الغربي، ولم يعدْ حتى الآن.!

هذه المرة اتخذ الابن قراره، سيفتح الرسالة بنفسه، وليحدث ما يحدث، ولكنه قبل أن يفتحها مرّت أمامه امرأة ذات منصب وجمال، فحدثته نفسه أن يجرّب النساء هذه المرّة، بعد أن قنع من كل خير في الرّجال.!

أعطي الرسالة للمرأة وطلب منها أن تقرأها له، وبعناية فتحت المرأة الورقة المطبّقة، قرأت أول كلمتين منها، ثم رفعت يدها عالياً، وخبطت الابن في خده صفعةٌ لها دوي، حتى إحْمرّ خده، وجحظت عيناه، وصنّت أذنيه، وصرخت فيه بغضب فظيع:

- يا حيوان .. يا حقير .. يا سافل.!

ولم تقف المرأة عند هذا الحد، فـ إذا بها مزّقت الورقة إلى قطع صغيرة، ثمّ نثرتها باتجاه الريح التي بعثرتها في كل مكان.!

يُقال أن هنالك اثنان لم يعرفوا فحوى هذه الرسالة أبداً، الابن .. وأنت.!

2 التعليقات:

عبدالرحمن إسحاق يقول...

يا الله وأنا أنتظر متى ينتهي وأقرأ الرسالة :$
ههههههه أشعرتني ب(الشحتفة) ؟

أسامة.. يقول...

تحياتي عبد الرحمن ومرحباً بك هنا وهناك

إرسال تعليق