الخميس، 22 أكتوبر 2009

رحلة إلى مقر صحيفة حكايات

عندما أكون مسافراً إلى العاصمة الخرطوم، أحزم حقيبتي كأنني متجهاً إلى استراليا، أو في رحلة لاكتشاف جزيرة مجهولة في قلب المحيط الأطلنطي، وأطبّق ذلك المثل الإنجليزي الشهير الذي الذي أورده أنيس منصور:

- المسافر يجب أن تكون لديه عينا صقر ليرى كل شيء، وان تكون لديه أذنا حمار ليسمع كل شيء، وان يكون له فم خنزير ليأكل كل شيء، وان يكون له ظهر جمل ليتحمل أي شيء، وان تكون له ساقا مِعْزة لا تتعبان من المشي، وان تكون له حقيبتان: أحداهما امتلأت بالمال والثانية امتلأت بالصبر.!

أحياناً أنسى ما الذي أفعله كـ صقر، وما الذي أفعله كـ حمار، ولكن من كثرة المشاوير، امتلكت ساقا معزة جبارة، ذات دفع رباعي، لا تتأثر بالرمال، وكنت أطبق هذا المثل بحذافيره، عدا الحقيبة الممتلئة بالمال، الانجليز يحملون أموالهم في حقائب، إنهم أغنياء ومن الصعب مجاراتهم، أما أنا فأكتفي بمبلغ أوزعه على خمسة جيوب بالتساوي، فـ النشالون في الزحام هناك يسرقون الكحل من العين.

ومن ناحية أن تأكل كل شيء؛ دعاني صديقي إلى مطعم اعتقد أنه راقٍ، أتى لنا القوم بدجاجة مُحمّرة، جناحاها طويلان، ورجلاها طويلتان، لم أرْ منقارها ولكن أعتقد أنه طويلاً كذلك، وعلى ظهرها اثر كدمات وضرب عنيف، احترمت نفسي ولم أسأله هل أتت هذه الدجاجة من غوانتنامو أم من محاكم التفتيش.!

نسيت أن أخبرك أنني في السودان أسكن مدينة كوستي، ولا آتي إلى العاصمة إلاّ في الشدادِ القواصم، أو لمناسبة كبيرة، زواج فما فوق، أو موت فما تحت، لذا سألني الكثيرين لماذا أنت في الخرطوم؟ أجبتهم إجابات متفرقة ومتباينة، مع أن المرء ليس في حاجة لأسباب خارقة ليكون في مكان ما.!


في رحلتي سجَلتُ زيارة عميقة إلى مقر صحيفة حكايات، وهي الصحيفة التي أعمل بها، وما لا يعرفه القُراء الكرام أنني حتى الآن أتيت مقر الجريدة مرتين فقط، في المرة الأولى كانت زيارة خاطفة، والمرة الثانية انقسمت إلى خمس مرات خاطفات، أما مراسلتي لـ الصحيفة، فـ البركة في الانترنت، حيث ينطلق المقال من كوستي ويصل الخرطوم، ليدخل بسرعة التفكير في جهاز سكرتير التحرير الأستاذ (العشاي)، الذي يزجُّ به في كمبيوتر رئيس التحرير الأستاذ وجدي الكردي، الذي يقلّبه ذات اليمين وذات الشمال، ثم يدفع به إلى كمبيوتر (أدروب) المصمم البارع، الذي يضعه في الصفحة أفقياً أو رأسياً حسب درجة حرارة الغرفة، ومنها يذهب إلى المطبعة، ثم يأتي إلى عزيزي القارئ، فيقرأه ومعه بقية الصحيفة، التي بعد أن ينتهي من قراءتها، هنالك احتمال كبير أن يُذهب بها إلى المطبخ لتُفرش تحت قطع طعمية أو شرائح بطاطس مقلية، أعتقد أن هذه هي رحلة الجريدة من الألف إلى الياء.!

دخلت مبنى صحيفة حكايات من بابها كما يفعل أي شخص محترم، وللعلم أن من يدخل مبنى (حكايات) للمرة الأولى بدون خارطة أو دليل، أو بلا هدى أو كتاب مبين؛ فهو يستحق ما يحدث له، المبنى ليس كبيراً، ولكنه يشبه المتاهة، الدخول إليها سهلاً والخروج منها صعباً، وقد تقوم الساعة ولا تعرف نفسك هل أنت بالقرب من مكتب (لقمان)، أم انك في طريقك إلى مكتب (أحمد يونس) مدير التحرير.!

في أثناء تواجدي هنالك تقمّصتُ شخصية الدليل السياحي، فـ الكثير من الزوار الكرام يحومون داخلها ويدورون لربع ساعة، ثم يسألونني عن طريق الخروج.!


10 التعليقات:

غير معرف يقول...

مازلت انتظر صدور صحيفتي المفضلة(القضية)الصحيفة الاجتماعية الجادة والتي كان لها الفضل في تقديمك للصحف الاخري لما لاتذكرها حينما عرفتك حكايات من خلالها فهل هذا جزاء الاحسان

مهاد أحمد التجانى يقول...

انت قاعد فى كوستى بتعمل شنو ماتجى هنا الخرطوم وبدل ترسل المقال بالانترنت تانى تسلمو بايدك

ابواحمد يقول...

من معجبى كتاباتك ياشيخ اسامه جاب الدين ابواحمدالفشاشوية

الفاضل يقول...

هو في كوستي في انترنت

غير معرف يقول...

الاخ اسامة بعد السلام
اولا احيك علي حكاياتك اللذيذة الجيدة واتمني لك مزيدا من التقدم والازدهار ولكن عندي سؤال شبه غبي
وهو اسامة جاب الدين من وين؟
اخوك الشايقي

يسرا الجعلية يقول...

اهنيك بكتاباتك لكن اللا تعتقد ان بها نوع من المبالغة الشديدة وتكاد تكون للاطفال اقرب

Unknown يقول...

والله واحشاني كتاباتك يا
أسامة شكلك ما في كوستي لو كنت برة السودان كنت كتبت من نماء بت الدرادر

سميه محمد الفاضل يقول...

اعجبتنا حكاياتك كثيرا بس ويييييييييييييييين انت والله افتقدناك كثيرا في الجريده والان انسحبت نهائيا وقف ارسالك لا بالنت ولا باليد
وياريت تداوم ع الجريده لانو بالجد مقالاتك تطوف بنا في سماوات الخيال واتمنى ليك التوفيق والسداد
ومع احترامي لاراء الجميع وكتاباتك في غايه الروعه والموضوعيه

غير معرف يقول...

اكتب عن المويه

غير معرف يقول...

كنابات هذه تذكرني احلام مستغانمي خاصه جمله(جزيره مجهوله)ودائما مثل هذه المقولات تذكرني بافلام الخيال العلمي..وللاسف بعد هذه الفلسفه يستقر بك الحال الي صحيفه مبالغات اقصد حكايات

إرسال تعليق